
Libya, Five Years On
Talking points:Talking points:
• Five years after Gadhafi, is Libya better off?
• Who is responsible for the growth of ISIS & Al-Qaeda in Libya?
• Who is paying the price of Western Europe intervention in Libya?
• How can the terrorist genie be put back in the bottle?
First broadcast on Monday 3rd 2016 October at 6:30pm BST
on AL Mayadeen network
The show is hosted by George Galloway in front of an audience in imaFilm studio in London.
Broadcasting dates will be announced later
Watch the programme:
Trailer:
Contributors:
1) زهره سوبيتي – ناشطه سياسه
2) بتول سوبيتي – ناشطه سياسه
3) عبد العزيز غنية – محلل سياسي ومختص بالشأن الليبي
4) اسامه صالح – ناشط سياسي ليبي
5) مايكل روبرت – طالب
6) عدنان اوان – صحفي
7) الا مهدي – طالبه
The flyers:
كلمة حرة,
تقديم: جورج غالاوي
التفاصيل
جورج غالاواي: أنا (جورج غالاواي)، أقدِّم برنامج “كلِمة حرّة” من على قناة “الميادين” في حلقة تأتيكم من (لندن) حيث نحن الآن. أنا أقول كلماتي بحرّية سواء في البرلمان أو على التلفاز أو هنا في شوارع “لندن”. “كلِمة حرّة” تعني أن تُعبِّر عن آرائِك بحُرّية، وهذا ما أُعبّر عنه، إذاً “كلِمة حرّة” هي حوار مزدوج الاتّجاهات. تابعوا برنامجنا من على قناة “الميادين”
جورج غالاواي: أهلاً بكم في “كلِمة حرّة” معي (جورج غالاواي)، من على قناة “الميادين” في حلقة تأتيكم من (لندن) نناقش فيها الشرق الأوسط وشمال (أفريقيا) وعلى وجه الخصوص (ليبيا)، لأنّه منذ خمس سنوات قرّر أولئِك العباقرة (ديفيد كاميرون) و (نيكولا ساركوزي) والرئيس (أوباما) أنها ستكون فكرة جيّدة في أن يُصبحوا القوات المُسلّحة الجويّة لـ (القاعدة) في السماء فوق (ليبيا). أساؤوا استخدام الأُمم المتّحدة وثقة الأعضاء الآخرين في
مجلس أمن الأُمم المتحدة بالتصويت على حظر الطيران في منطقة أصبحت في ما بعد مرتعاً للطيران الكثيف، منطقة مُتاحة للكثير من الطائِرات وللكثير من القصف الذي دمّر الكثير من البُنى التحتية الفعلية والسياسية لـ (ليبيا) وقاد إلى قصة الرُعب التي تعيشها (ليبيا) اليوم. على عكس البعض، بمن فيهم ربما من هُم بين جمهور الاستديو، لم أكن يوماً مُعجباً بالعقيد (معمّر القذافي). لم أُقابله أبداً ولم أدعمه أبداً وهو بدوره لم يدعمني أبداً، لكنني سأقول لكم أمراً أنا متأكِّدٌ منه تماماً. وضع (ليبيا) اليوم هو أسوأ بعشرة أضعاف بعد تدمير حلف شمال الأطلسي للدولة الليبية عمّا كانت عليه إبّان عهد العقيد (القذّافي). هذا جزء من نمط بالطبع بدءاً من (أفغانستان) في ثمانينات القرن الماضي، وبإمكاننا العودة أكثر في الزمن إلى الوراء لكن دعونا نبدأ من (أفغانستان) في الثمانينات عندما تبنّت الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي، المملكة المُتّحدة والولايات المُتّحدة الأميركية و(فرنسا)، تبنّوا مقولة “عدوّ عدوّي هو صديقي” حتّى وإن كان عدوّ عدوّي أسوأ من عدوّي نفسه. في (أفغانستان) و(العراق) و(سوريا) وفي (ليبيا) وفي (اليمن) وفي أمكان كثيرة أُخرى هذه الاستراتيجية لا تزال مُستَخدمة وتتمخّض دوماً عن النتائج نفسها ما يجعلك تتساءل، هلّ نحنُ نُقاد من أغبياء أم مُخادعين؟ “مخادعون” كلمة إنكليزية قديمة لذا دعوني أُعرِّفها أكثر. هلّ نحنُ نُقاد من أغبياء أم مُحتالين؟ وأيهما سيكون الأسوأ؟ أنا بالفعل لستُ واثقاً، فأنا أُغيِّر رأي باستمرار حيال هذا الشأن، لكن سواء أكانوا أغبياء أم محتالين، هم مسؤولون عن سلسلة من الإخفاقات والجرائِم التي تُرسَل بالتطرّف المتعصِّب من آكلي القلوب وقاطعي الرؤوس والذين يصلبون الناس والتطرّف إلى كلّ مكانٍ على الأرض. في (ليبيا) اليوم، عدّة مجموعات من المتعصّبين المتطرّفين يتقاتلون في ما بينهم على السُلطة مدعومين من طرفٍ أو آخر من أُمراء دول الخليج. هذه المجموعات المُتطرّفة لا يُمكن التمييز بينها إلاّ للعين المدرّبة جيداً، جميعهم يؤمنون بمناهجهم الخاصّة من الطائِفية والتطرّف ويستثنون كلّ الآخرين تماماً. السياسة الغربية كانت واضحة جداً عندما ذهب كلٌ من (ديفيد كاميرون) و(ساركوزي) إلى (بنغازي) وأعلنوا السلام والحُرية والتحرّر في (ليبيا). إن لم تكونوا ترغبون في البُكاء فكان عليكم أن ترغبوا بالضحك حُكماً لأنه، بالطبع، إن أياً من هذه الأشياء لم يتحقّق أو يُحتَمل أن يتحقّق خلال خمس أو عشر أو خمس عشرة أو عشرين أو رُبما خلال خمسين سنة. وعوضاً عن (ليبيا) واحدة أصبح لدينا الآن مجموعة من الـ “ليبيات”، لقد فقدتُ القدرة على العدّ، ربما بعض الخبراء المُتميزين من بين الجمهور قد يتمكّنون من موافاتي بالتفاصيل فأنا لستُ أخصّائياً حول (ليبيا)، لكن من الجليّ تماماً أنّه عوضاً عن دولة واحدة أصبح لدينا الآن عدّة “إمارات” لا يُمكن وصفها بِدُوَل، والأمر الوحيد المؤكّد، كتأكدي من البيض، هو أنّ هذه “الإمارات” لا يمكنها أن تُسيطر على الحدود الليبية لا البرية منها ولا، وهذا مقياس مهم جداً بالنسبة للشعوب الأوروبية، ولا الحدود الساحلية أيضاً. (ليبيا) اليوم أصبحت بوابة هائِلة مفتوحة للزوارِق المُحمّلة باللاجئين الهاربين من الفُقر والحرب والقمع من دون أن يكون هناك من يوقفهم أبداً. اتجارٌ متطوِّر جداً في نقل البشر قد أدّى إلى مئات الآلاف من اللاجئين الذين يأتون عبر البحر الأبيض المتوسّط من خلال تلك البوابة الهائِلة المفتوحة على مصراعيها. طبعاً الكثيرون منهم لا يصلون أبداً بل يذهبون إلى قبورٍ مائيّة في البحر، ومن الجليّ أنّ أحداً لا يستطيع السيطرة على ذلك الوضع. إذاً، معي هذا الجمهور من الخُبراء المُتميّزين وواحد أو اثنان من الهواة المتحمّسين مثلي، وسنناقش هذا المساء بكلماتنا الحُرّة ما الذي جرى تحقيقه خلال خمس سنوات من الثورة المموّلة من حلف شمال الأطلسي في (ليبيا). مَن سيتحدّث أولاً؟ نعم، السيّدة في الوسط
زهراء سبيتي – ناشطة سياسية: مرحباً (جورج)، اسمي (زهراء سبيتي). سؤالي هو، نعلم أنّ الغرب مؤخراً قد سمح لـ “داعش” بالسيطرة على مدينة (سِرْت)، هلّ كان ذلك ذريعة للغرب حتّى يتدخّل؟ وإن كان كذلك، هلّ يُمكن لهذا أن يخلِق أيّ استقرار في اعتقادك؟ أيضاً سؤال آخر، أيّ موقف على الشعب الليبي أن يتّخذه؟ أيّ موقف عليهم اتّخاذه في هذه القضية؟
جورج غالاواي: إنّ عدداً هائِلاً جداً من إرهابيي “داعش” قد انتقلوا إلى (ليبيا) وهذا جليٌّ للعيان، وقد أسسوا بالفعل قاعدة هائِلة جداً في (سِرْت)، الأمر الذي يُعدّ مثيراً للسخرية لأنها بالطبع قلب الموطن السابق لـ (القذافي). في الوقت الذي قد يُعرَض فيه هذا البرنامج سيكون تنظيم “داعش” قد مُنِيَ بالهزيمة في (سِرْت)، لكنّهم بكلّ بساطة سينتقلون إلى مكانٍ آخر، سيتشتتون ربما وسيُعيدون تشكيل أنفُسهم في مجموعات بالتأكيد وسينتشرون بين السُكّان مُضيفين إلى المستوى العام من القتل والمجازر والفوضى في البلد الذي كان يُشكِّلُ مرّةً قوّة متوسّطية غنية جداً ومُنتِجة للنفط. ليس منوطاً بي أن أقول للشعب الليبي ما الذي عليه فعله، لكن موقفي العام حيال (ليبيا) هو ذاته كما هو حيال البلدان العربية الأُخرى، في أنّ الأولوية المُلِحّة تكمن في أن يكونوا بلداً، في أن يكونوا دولة، في أن يكونوا موحَّدين. من يرغب أيضاً في المُشاركة؟ سيّدتان على التوالي، هذا مُمتاز. هكذا أرغب في أن تكون برامجي، تفضّلي أيّتها السيّدة
بتول سبيتي – ناشطة سياسية: مرحباً (جورج)، اسمي (بتول سبيتي) ولديّ سؤالان. سؤالي الأوّل هو، هلّ تعتقد أنّ التدخّل الأوّل للغرب في (ليبيا) بهدف التخلّص من (القذّافي)، هلّ تعتقد أنّ هذا التدخّل قدّ مهَّد الطريق؟ أم أنك تعتقد أنّ ذاك الحَدث كان مُخطّطاً له بشكلٍ يُتيح للتدخّلات الحالية أن تحدُث سواء أكان ذلك متعلّقاً بوجود الفرنسيين في (بنغازي) أو في وجود الأميركيين في (سرت)؟ أم أنك تعتقد أنّ التدخّلات الحاليّة تحدُث بهدف القضاء على التوسُّع غير المرغوب به لـ “داعش” في المنطقة؟ لأنّ “داعش” الآن طبعاً قد أصبح عصيّاً على الهزيمة، أعني أنّه خارج عن السيطرة. كان هذا سؤالي الأول، أمّا سؤالي الثاني فهو، هلّ تعتقد أنّه من الخطورة على (أوروبا) أن توفِّر الظروف الأمثل لتُصبِح (ليبيا) مرتعاً للإرهاب علماً بأنها قريبة جداً من (أوروبا) جغرافياً؟ بالتالي هذه مسألة مطروحة
جورج غالاواي: في ما يتعلّق بسؤالكِ الأوّل، أنتِ تمنحين قادة الغرب أكثر من حجمهم. قادة الغرب ليسوا (جيمس بوند)، إنّهم أشبه بـ (أوستن باورز) أو السيّد (بين)، إنهم أغبياء مُتلعثمون يتعثّرون بكارِثة بعد الأُخرى. فكرة كونهم يُخطّطون للتدخّل بحيث يتمكّنون لاحقاً من القيام بتدخُّلٍ آخر وما إلى ذلك يمنحهم أكثر من حجمهم، أكثر مما يستحقون. هذا يفترِض أنّ لديهم خطّة، غير أنه ليس لديهم أيّة خطّة. ما وراء خطّة إبقاء العرب مُقسّمين وضُعفاء هو أن يكون من الأسهل لهم سرقة مقدّراتهم ويكون من الأسهل لهم حماية طفلهم غير الشرعي (إسرائيل)، هذه هي الخطّة الوحيدة التي يمتلكونها. على المُستوى التكتيكي لا يمتلكون خططاً أبداً. الموقف الغربي حيال الإرهاب يتَّسِم بانفصام في الشخصية على نحوٍ تامّ، لست طبيباً نفسياً لكنني أُدرِك حال الانفصام عندما أراها. هذه السياسة الانفصامية تسعى إلى ترويع شعوبنا من خطر الإرهاب فارِضةً الحظر على لباس الـ “بوركيني” على الساحل الجنوبي من (فرنسا) بينما تُسلِّح وتُموِّل وتُقدِّم الدعم الدبلوماسي والسياسي للإرهابيين الفعليين في المنطقة. إن قطعتُ رأس أحدهم في (فرنسا) فأنت وحشٌ مُشوِّهٌ حقير وإرهابي لكن إن قطعت رأس أحدهم في (سوريا) فسنعطيك السكين وسندفع لك المال لتُحافِظ على جيشك المؤلّف من قاطعي الرؤوس سليماً. هذا الأمر أصبح حقيقة حرفية في واقع الأمر عندما قُطِعَ رأس الكاهِن الفرنسي في (روان، فرنسا) رحم الله روحه مِن قِبَل الناس أنفسهم الذين قطعوا رؤوس الكثيرين من الكهنة بل وحتّى الأساقفة في (سوريا). الفارِق الذي كان هو أننا أطلقنا النار حتّى الموت على الإرهابيين في (فرنسا) وأعطينا الأسلِحة للإرهابيين في (سوريا). هناك كِتابٌ كُتِبَ منذ زمنٍ بعيد، أشخاصٌ في أعمارٍ صغيرة مثلكم ربّما لم يقرأونه، كانت قد كتبته امرأة من مدينتي نفسها في (اسكتلندا) اسمها (ماري شيلي)، وكتابها اسمه (فرانكنشتاين)، “بروميثيوس” عصري. يروي الكتاب قصّة طبيب يُدعى (فرانكنشتاين) يُقرّر أن يصنعُ وحشاً، لكن في الوقت الذي ينتهي فيه من صناعة الوحش يكون الوحش قد تحرّر من سيطرة الدكتور وينطلق هائِجاً في كلّ مكان، بما في ذلك في منزل الدكتور نفسه وفي مختبره. المغزى من القصّة أن هذا الوحش يُسمّى وحشاً لسببٍ مُعيّن، وعندما تصنعه لن تكون قادراً على السيطرة عليه، وهذا ما نفعله منذ ثمانينات القرن الماضي مع وحش التطرّف المُتعصّب هذا الذي أتحدّث عنه. نعم، السيّد في الصفّ الأمامي
عبد العزيز غنيّة – محلّل سياسي ومُختصّ في الشأن الليبي: اسمي الدكتور (عبد العزيز)، أنا مُعلِّق وصحافي ليبي. أودّ أن أُضيف وأُجيب عن بعضٍ من أسئِلة جمهورِك كخبير، إنّهم يُخادعون ويُحاولون التحدّث عن “داعش” في (سِرْت). أتعلم أنّ المساحة الجغرافيّة التي يشغلها “داعش” في (سِرْت) لا تتجاوز مساحتها ميلاً مضربة بميل، أي أنها مكانٌ صغير جداً ومحصور. “داعش” الحقيقي ليس موجوداً في (سِرْت)، “داعش” الحقيقي، وهو ما نُطلِق عليه “داعش” بربطة العنق وبدلة، هو جالسٌ في (طرابلس الغرب) ويمتلِك صلات مع السفارة البريطانية ومع السُفراء الغربيين الآخرين سواء من (إيطاليا) أو من (فرنسا) أو (ألمانيا) أو الولايات المتحدة الأميركية. مُشكلة الليبيين الحقيقية هي التدخّلات الغربيّة المُتكرّرة حتّى الآن. بصفتي قومياً ليبياً، نحن نُدرِك إلى أين جرى إيصال الأمور أو إلى أين وصلت الأمور بالنسبة للمواطنين الليبيين العاديين، ما من ثورة بعد الآن في (ليبيا). تلك التي انطلقت في السابع عشر من فبراير هي فوضى تمّ زرعها في (ليبيا) ويحاول الليبيون العاديون الآن إلحاق الهزيمة بها، لكن بسبب الدعم الغربي للمجموعات المُتطرِّفة نفسها التي تسيطر على الأمور ليس بإمكانهم هزيمتها. بالتالي، يتمّ في واقع الأمر التلاعب بهم ويحاول الغرب عبرهم إدارة ذاك الوضع الفوضوي في (ليبيا) ليس فقط بالنسبة إلى الليبيين أنفسهم فحسب بلّ في المنطقة برمّتها، فهُم في واقع الأمر يستهدفون (الجزائِر) ويستهدفون الجيش الوطني في (مصر). كذلك النموذج الليبي يُعطيهم جيلاً جديداً اسمه “الجيل الرابع للحرب” الذي يعمل على منح الأسلِحة والنأي بالنفس وترك الناس يتقاتلون في ما بينهم، وهذا ما حدث عندما فازوا في الجيل الثالث للحرب في حرب تدخّلهم في (أفغانستان) و(العراق). أرسلوا الجنود وأرسلوا المُعدّات على نحوٍ مُستمرّ ومُكلِف، لكنّهم الآن في (ليبيا) يعتمدون فقط على تزويد هذه الجماعات، على اختلافاتها الصغيرة، بالقليل من الدعم السياسي والأسلِحة وسيقتلون بعضهم بعضاً. اعتادوا على التخطيط لهذه المسألة في (سوريا) لكن ليس بعد الآن. بعد أن أثبتت الخطّة في (ليبيا) نجاحها بالنسبة إليهم، وليس بالنسبة للشعب الليبي، يستمرّون في إشعال الأزمة في (سوريا)، فهم بالتالي يزوّدونهم فقط بالأسلِحة والمال ويُحاولون دعوتهم إلى طاولة المُفاوضات، لكن بعد ماذا؟ بعد أن تفاقمت الأزمة!
جورج غالاواي: هذا صحيح أيّها الدكتور، الدرس قد جرى استيعابه من تجربة (العراق) المتمثِّل في أنّ اجتياح الدول العربية بمئات الآلاف من الجنود الغربيين يؤدّي إلى دفع أثمان سياسية باهِظة جداً بالنسبة للبلدان التي تُرسِل جنودها. لا أؤمن أنا بنفسي أنّ هذا قد يحدُث مُجدّداً أبداً، على الرغم من أنّه ليس علينا أن نقول كلمة “أبداً” في السياسة، لكنهم اكتشفوا أنّه من السهولة المُطلقة أن تجعل المُسلمين يقتلون بعضهم بعضاً، في أن تجعل العرب يقتلون بعضهم بعضاً، وكلّ ما عليك فعله هو تزويدهم بالسلاح والمال والدعم السياسي والدبلوماسي والدعائي لتتمكّن من إضرام نارٍ قد تحترِق ربّما إلى الأبد. غير أنه خلال الأسبوع المُنصرِم وحسب، قناة الـ “بي بي سي”، وعلى نحوٍ مُحتمَل بموافقة الدولة كون الـ “بي بي سي” هي هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية، أطلقت فيديو مُصوَّراً من كلٍ من (سوريا) و(ليبيا) يُظهِر تواجُد قوّات بريطانية خاصّة، ليس الرجال الأُسطوريون بوجوههم المُغطّاة ويعيشون فوق شجرة، بل مع دبابّات وحاملات جند، وفي حال (ليبيا) يحملون أسلِحة جديدة مُطلِقة للقنابل تُطلِق القنابل التي تنفجر في الهواء فوق الهدف بحيث لا يجري امتصاص أيّ من المتفجرات في الأرض بلّ كلّها يجري امتصاصها من الناس الذي تُلقى على رؤوسهم . يقولون أنهم هناك لمُحاربة “داعش” لكنهم طبعاً ليسوا هناك لهذا السبب، قد يكونون مستعدّين لمُحاربة “داعش” ضمن الميل المُربّع في (سِرْت) الذي تحدّثت عنه لكنّهم بالتأكيد لن يُحاربوا “داعش” الذي يرتدي ربطات العُنق والبدلات لأنّهم موجودون هناك للدفاع عنه وحمايته. وفي حال (سوريا)، القوات البريطانية الخاصّة، وأفترِض أنّ القوات الخاصّة لكلّ البُلدان الغربيّة موجودة هناك، لا يُحاربون “داعِش” بل يُحاربون إلى جانب الناس الشبيهين تماماً بـ “داعش” وذلك بهدف تغيير النِظام كما هي الحجّة التي نعرِفها في (سوريا). إذاً، من الصحيح أنّه لا وجود لعمليّة اجتياح على نِطاقٍ واسِع وأنّها على الأرجح لن تكون أبداً، لكن هذا لا يعني أننا لا نتدخّل. الغرب يتدخّل بثقلٍ كبير في (سوريا) وفي (ليبيا). في واقع الأمر، لولا التدخّل الغربي لكانتا كل من (ليبيا) و(سوريا) دولتين موحّدتين وصاحبتي سيادة اليوم. هلّ تريد التعقيب على هذا أو نسمع مُداخلة أُخرى؟
عبد العزيز غنيّة: ما بإمكاني قوله (جورج) عن (ليبيا) هو أنها أصبحت خطّة مخبرية مفتوحة لأسلِحتهم، لاسيما بالنسبة إلى “داعش” ضمن الميل المُربّع المُسيطَر عليها تماماً، ليُجرّبوا فيها أسلِحتهم وتكتيكاتهم الجديدة. أنت تعلم أنّ ذاك النوع من القوات الخاصّة الثانوية التي تذهب إلى (ليبيا) من مُعظم الدول الغربية لا يسعون وراء موافقة سياسية للذهاب إلى هناك لأنّهم في واقع الأمر موجودون هناك على نحوٍ سرّي. في المنحى العام، عندما يُحاصرون يدّعون أنهم هناك فقط للموافاة بالتقارير، إنهم هناك فقط لموافاتنا بالمعلومات الحقيقة من أرض الواقع لكنّهم في الوقت عينه يُقاتلون. أشياء رئيسية أُخرى موجودة في (ليبيا)، خلافاً لما هو موجود في (سوريا) وغيرها، نحن في الواقع نمتلِك النفط والغاز، وهذه هي المًشكلة المُضافة بالنسبة لليبيين. تاريخياً، (ليبيا) لم تكُن مُستعمرة كبلدٍ واحِد موحّد. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية جرى تقسيم (ليبيا) ما بين (فرنسا) في الجنوب و(إيطاليا) في الشمال الغربي و(بريطانيا) في الشمال الشرقي، وعندما ظهر النفط منحوا الأفضلية للولايات المُتّحدة الأميركية في أن تمتلك الكثير من القواعِد الجويّة في (طرابلس الغرب) بموافقة من المملكة المُتّحدة. عندما جاء (القذّافي) إلى السُلطة طردَهم جميعاً، حتّى أنّه أمّم شركة النفط. لكنه عندما أمّم شركة النفط، سمحَ فقط لشركتيّ النفط الأكثر هيمنةً بالعمل في (ليبيا) وهما الـ “B.P.” وهي شركة نفط بريطانية والأُخرى شركة أميركية. لا (القذّافي) ولا الشعب الليبي يبتلعون النفط، يحتاجون للعمل به، لذلك منحت (ليبيا) العقود للشركات الأوروبية، تحديداً شركة “إيني للغاز” الإيطالية و” وينتر شيل” الألمانية و “شيلّ” الهولندية الفرنسية مع حصّة كبيرة للشعب الليبي، بالتالي الحصص مُختلِفة. الآن، بعد القضاء على (القذّافي)، شركات النفط تلك تحتاج إلى العودة إلى مكانتها وإلى حصصها في (ليبيا)، ومن يقف ضدّهم؟ ليس الناس العاديين لأنهم لا يمتلكون الأسلِحة أو أيّ شيء، بل شركات النفط التي تمتلِك عقوداً على المدى البعيد مع شركة النفط الليبية. بالتالي، الحرب في (ليبيا) هي بين تلك البُلدان الخمسة في واقع الأمر. على الرغم من أنّ هذه البُلدان تبدو مُتحدّة في (سوريا) وتبدو وكأنّها مُتّحدة في مجلِس الأمن في الأُمم المتحدة، لكنها في واقع الأمر، خاصة في (ليبيا) لدى كلٍّ منها مجموعته الخاصّة وما زالوا يتقاتلون ويُمكننا أن نرى ما الذي يفعله الفرنسيون في تعاونهم مع العقيد (حفتَر) في الشرق والبريطانيون يعملون مع ميليشيات…
جورج غالاواي: إنه خليط من الأحرُف الأبجدية، سيكون علينا الاستمرار في شقّ طريقنا عبره في القسم الثاني، لكن بعد الفاصل
المحور الثاني:
جورج غالاواي: أنتم تُشاهدون “كلِمة حرّة” معي (جورج غالاواي) من على قناة “الميادين” في حلقة تأتيكم من (لندن) نناقش فيها (ليبيا)، حربٌ دائِرة منذ خمس سنوات، كيف سارت الأمور؟ جالت كاميرا “الميادين” في شوارِع (لندن) لاستطلاع رأي الشارِع. لنشاهِد معاً
المُحاورة: بعد خمس سنوات من الإطاحة بـ (القذّافي)، هلّ تعتقد أنّ (ليبيا) أصبحت أفضل حالاً؟
رأي شاب 1: يُمكنني القول، “لا”
رأي رجل 1: على الأرجح “لا”
رأي شاب 2: لا يُمكنني أن أقول الكثير فأنا صدقاً لم أُشاهِد الأنباء عن كثب مؤخراً، لكن يبدو أنّ البلد في حال فوضى عارِمة وكميّة الناس الذين يُغادرونه أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بالتالي، على الأرجح “لا”
المُحاورة: مَن هو المسؤول عن تنامي تواجُد “داعش” و”القاعدة” في (ليبيا)؟
رأي رجل 1: يمكنني القول “داعش”. لا أرى أنّ السبب وراء ذلك جهات أُخرى. ربما كان في إمكانهم تنظيم الأمور على نحوٍ أفضل، لذلك لا أعتقد أنّ بالإمكان إلقاء اللوم على التدخّل من الغرب أو من آخرين
رأي شاب 1: بقدر ما أكره قول ذلك، لكنّه على الأرجح تأثير الديمقراطية الغربية. قرّرنا إزالة ديكتاتور في محاولة لاستبداله بقوّاتنا الخاصّة، ولسوء الحظّ قرّرنا استبدال الدكتاتورية التي كانت موجودة هناك لنخلق على الأرجح فراغاً انبثق منه “داعش” وغيره
رأي شاب 2: أعتقد أنّ المُلام على الأرجح جزئياً هو الغرب وسياسات إدارة (أوباما)، وبشكلٍ جزئيّ “داعش” نفسه، فقد كانوا فعّالين جداً على وسائِل التواصل الاجتماعي والأشكال الأُخرى من عمليّات التواصل الإلكتروني. بالتالي، يُمكنني القول أن ذلك ساعدهم كثيراً
رأي شاب 2: أعتقد أنه الغرب، وعلى وجه الخصوص (أميركا) التي يمكن أن تكون المُعضِلة الرئيسية. أعلم أنّ (القذّافي لم يكن بالشخص اللطيف لكن كان للأمور أن تبقى أفضل تحت قيادته، وكان يجب ترك الناس لمُعالجة تلك المسألة عوضاً عن التورّط بالمُجازفة التي تسبّبت بالمُشكلات القائِمة اليوم
جورج غالاواي: حسناً، هناك الكثير من المنطق الجيّد في اعتقادي عند الجمهور البريطاني، ما رأيك؟
أُسامة صالح – ناشِط سياسي ليبي: طبعاً، ما حدث في (ليبيا) خلال السنوات الخمس الماضية، وآخرها تنظيم “داعش” الإرهابي خلال السنتين أو الثلاث سنوات الماضية، جرّب الشعب الليبي أربع حكومات ولا يوجد حلّ لهذه اللحظة وكلّ ذلك بتدخّل الغرب ودعمهم للميليشيات ودعمهم لأحزاب مُعيّنة كـ ” الإخوان المُسلمين”. لماذا لا يكفّ الغرب يده عن (ليبيا) ويجعل الحلّ ليبياّ صرفاً؟ باعتبار أنّ الشعب الليبي عانى خلال خمس سنوات من تهجير ومن عزل سياسي ومن ظروف معيشية سيّئة. فطلب الشعب الليبي إذاً هو أن يكفّ الغرب يده عن الدعم لهذه الميليشيات وهذه الأحزاب حتّى يكون الحلّ ليبياً – ليبياً وفي داخل (ليبيا)
جورج غالاواي: لا يُمكن لأحد أن يُجادل، وأنا لم أفعل ذلك بالتأكيد في مُقدّمتي، الدور الخبيث للدول الغربية في تدمير (ليبيا). لكن لماذا الليبيون مُستعدّون جداً لمُحاربة وقتل بعضهم الآخر؟ لماذا هي الحال في أنّ لدينا بلدات بعينها تمتلِكُ ميليشياتها الخاصّة ولها مُطالباتها الخاصّة في السُلطة؟ ما الذي يجعل الليبيين مستعدين، أولاً أن يتمنّوا وأن يطلبوا من الدول الغربية أن تُهاجِم بلادهم، وما أن تُدمِّر الدول الغربية السُلطة في بلدهم يُصبحون مستعدّين لذبح بعضهم البعض بأعدادٍ هائِلة؟ هلّ أنت ليبيّ؟
أُسامة صالح: نعم
جورج غالاواي: أرجوك، امنحنا بعضاً من المنطق وراء سببيّة وجود تلك الحال! هلّ الحقيقة هي أنه لا وجود لبلد اسمه (ليبيا) ولا ليبيين بحيث أنّ الناس من (بنغازي) أو (طرابلس الغرب) أو (زنتان) أو من كلّ البلدات والقبائِل منخرِطة في هذا الصراع؟ من فضلك مرّر له الميكروفون، ويُمكنك أن تُجيب بالعربية، لا بأس
أُسامة صالح: الليبيون اليوم يتقاتلون في ما بينهم لكن قبل عام 2011 كان الليبيون يتعايشون مع بعضهم البعض. بعد عام 2011 أصبحت دول الغرب تدعم الأقليات في بعض القبائِل ضدّ قبائِل مُعيّنة، وكلّ الصراع هو سياسي، صراع على النفط وصراع على المال وصراع على الحُكم بشكلٍ عام، وأثبات ذلك هو إرسال دول الغرب السلاح لهذه المجموعات وآخرها سفينة إيطالية قبل يومين أو ثلاثة كانت تحتوي على عدد كبير من الأسلِحة، سفينة أميركية عن طريق (إيطاليا) إلى ميناء (مصراته)، فالصراع هو صراع حُكم، صراع سياسة
جورج غالاواي: إنني أفهم ذلك، لكن مَن في إمكانه مُساعدتي في هذا السؤال؟ الحروب الأهلية تنشب في كلّ مكان وفي كلّ بلد وفي كلّ قارّة، إنها ليست مسألة مُقتصِرة على العرب وحدهم وهي بالتأكيد ليست مسألة مقتصِرة على (ليبيا). لكن في العادة تكون التقسيمات إمّا طائِفية أو علمانية أو قومية في مقابل التقسيمات الإسلامية أو اليسار في مقابل اليمين. لكن في (ليبيا) ما مِن طائِفية لأنه لا وجود لأقليات دينية تُذكَر، الجميع من الدين نفسه ومن الطائِفة نفسها، ما مِن يسار ويمين، ما مِن صراع ما بين الإسلامية والقومية. ما يبدو أنّه موجود هو بلدٌ يجري تحويله على غرار (البلقان)، حيث تتقاتل البلدات والقبائِل في ما بينها، وكلّ هذا يبدو، سامحني على قولي هذا، يبدو بدائياً جداً. هلّ تُشاركني هذا التحليل؟
عبد العزيز غنيّة – محلّل سياسي ومُختصّ في الشأن الليبي: نوعاً ما، نعم. إننا بالفِعل قبائِل وأقاليم لكن تعدادنا السُكّاني لا يتجاوز الستة ملايين. أتعلَم ما هو مُعدّل أعضاء العائِلة الواحدة في (ليبيا)؟ إنه في الواقع خمسة أعضاء، الوالد والوالدة مع خمسة أولاد، بالتالي العدد الإجمالي لسكان (ليبيا) هو ستّة ملايين، إن قسّمت ذلك العدد تجد أنّ عدد العائلات لا يتجاوز المليون عائِلة، بالتالي كلّ هذه العائلات متّصلة ببعضها الآخر، بالتالي نحن متصلون جداً كليبيين بحيث أيّ شخص ليبي في المُطلق من أيّة بلدة أو مدينة ليبية قام بزيارة أيّة مدينة أُخرى والتقى شخصاً في الشارع وتبادلا المعلومات العائلية معاً سيجدان رابِطاً عائلياً بينهما مُباشرةً من دون أيّ عناء، إلى هذه الدرجة نحن مُترابطون. لكن في الوقت ذاته، لدينا قبائِل وأواصر علاقات قبليّة داعمة. إن اتّخذ أحد الأشخاص من قبيلتك جانِب اليسار فإنّك في العادة تتّخذ معه جانب اليسار على الرغم مما يدور في خُلدِكَ مبدئياً، من ثمّ، هذا النوع من الأشياء يتفاعل إلى أمورٍ أُخرى. عندما ينتهي المال وعندما تنتهي السُلطة أيضاً، وعندما يبدو للغرب أنّهم يُسيطرون على بلدة أو مدينة فإنهم لا يسيطرون عليها فعلياً بل لأنّ الحُكماء من الناس قادوا الليبيين العاديين إلى القيام بما يرضي الغرب لأنهم لا يريدون إراقة المزيد من الدماء
جورج غالاواي: مثير جداً للاهتمام. من يرغب أيضاً في المُشاركة؟ ماذا عن الشاب الجالِس في الأمام، كيف ترى الوضع الليبي؟ إلى مَن تُشير بأصابع اللّوم على الفوضى القائِمة حالياً في (ليبيا)؟
مايك روبرت – طالب: اسمي (مايك)، بشكلً إساسي ما أرغب قوله، أعتقد أنّ الجميع مُحِقّ في توجيه أصابِع الاتّهام نحو العالَم الغربي حيال ما يجري، لكن هناك دورٌ أيضاً لأماكِن مثل المملكة العربية السعودية ولما يموّلونه، بهذه الطريقة خَرَج “داعش” إلى الوجود، وأودّ أن أعرِف ما رأيك أنت في هذه المسألة؟
جورج غالاواي: ما مِن شكّ أنّ المملكة العربية السعودية هي مصدر التمويل والأُصول الدينية والإيديولوجية للتطرّف، ليس فقط في العالم العربي بل وفي العالم الإسلامي وبين المُسلمين في بقية العالم. لقد كان الدور السعودي دوراً عميقاً جداً، ولم يُحمِّلهم أحد المسؤولية أو يُحاسبهم على هذا، على العكس تماماً، الدكتاتورية السعودية لا تزال تُعَدّ صديقنا المُقرّب. نحن نبيعهم أيّ شيء يُمكننا إقناعهم بشرائِه، حتّى إن تعذّر عليهم استخدامه، وإن كانوا لا يستطيعون استخدامه فإننا سنُساعدهم كما نفعل الآن في (اليمن). إذاً نبيعهم كلّ تلك الأسلِحة ولا يستطيعون بالفعل استخدامها، بالتالي نُرسِل لهم الخُبراء لمُساعدتهم على استخدام تلك الأسلِحة. لكن المملكة العربية السعودية لست وحدها المتورِّطة في (ليبيا)، في واقع الأمر هناك عدّة بلدان أُخرى من الخليج متورّطون حتّى أكثر من المملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة. هلّ يُمكن أن يكون من الصائِب القول أيها الدكتور أنّ لكلّ هذه الميليشيات يوجد راعٍ؟ وأنّ الراعي هو تلك الدولة أو غيرها؟ وكميّات طائِلة من الأموال؟ أعني إن فكّرت في (قطر) على سبيل المثال، كميات كبيرة من الأموال أنفقتها (قطر) على المجازِر والقتل في (ليبيا). بالرغم من ذلك نحن أصدقاء جيّدون جداً لهم، في واقع الأمر أعطيناهم كأس العالم في ظروفٍ مُفاجِئة جداً. إذاً، من الجليّ أنّ الأمر لا يقتصر فقط على كون الليبيين هم السبب، والسبب حتّى ليس الغرب وحده بشكلٍ مُباشر. ستة ملايين إنسان فقط، والجميع ضالِع في ما يحدُث لهؤلاء الملايين الستّة، حتّى أنهم لا يكسبون شيئاً مما يحدُث لأنّه، كما سمِعنا للتوّ، كم ملياراً خسرت (ليبيا) قلت للتوّ؟
عبد العزيز غنيّة: مائتا مليار
جورج غالاواي: ضاع 200 مليار جنيه إسترليني بين ستة ملايين إنسان، بإمكانكم إجراء حساب المسألة. أيّ أنّ أولئِك الذين اعتقدوا أنّهم يُدمّرون (ليبيا) بهدف ملء جيوبهم الخاصة، تماماً كما حدث في (العراق) في الواقع، باستثناء شركات التجمّع الصناعي العسكري الأميركي أحداً لم يجنِ أية أرباح من الأمر لأنّ الوضع الأمني الذي خلّفوه عقب تدخّلاتهم لهو كارثيّ إلى حدٍّ بعيد بحيث أنّ ما مِن رجل أعمال، أعني إن كنت رجل أعمال وقلت لك اليوم أنني أُرفّعَك وأنت الآن مُديرنا في (ليبيا) وأُريدك أن تحزِم أمتعتك وتُسافر إلى (ليبيا) غداً فأنت بالتأكيد لن تذهب، زوجتك لن تسمح لك، ولا والدتك ما كانت لتسمح لك بالذهاب. إذاً، هذه هي وجهة نظري المُتعلِقة برفع الحَجَر الهائِل وإسقاطه على قدمينا. ماذا عنك أيها السيّد؟ هلّ تودّ المُشاركة؟
شاب من الحضور: أنا فعلاً أُحب هذه المناقشات، لكن المُشكلة تكمن في كوني أبحث عن حلول لكلّ ما يُطرَح هنا بما فيه موضوع (ليبيا). سؤالي هو أنه عندما يوجد نفط في بلدٍ ما، هلّ هذا النفط عائِدٌ فقط للحكومة أم للناس أيضاً؟ بمعنى أنّهم حين يبيعون النفط إلى أين يذهب المال؟ هلّ يذهب مُباشرةً إلى جيب الحكومة أم للناس أيضاً؟
جورج غالاواي: الأمر مُختلِف في كلّ بلدٍ طبعاً، وفي حال (ليبيا) فإنها لا تبيع أيّ نفط أبداً لأنّ الفوضى العارمة والانهيار في البلد يعني أنه ما مِن شيء يجري إنتاجه في (ليبيا)، وكما قلت قبل قليل، عائِدات بمقدار 200 مليار دولار قد ضاعت. لكن في حال المملكة العربية السعودية على سبيل المثال، النفط مُلكيّة سيادية، هذا يعني أنّه مِلك الملوك و(آل سعود)، 30 ألف عضو من الذكور من عائِلة (آل سعود)، يتقاسمونه بينهم. بعضاً منه ينفقونه على تطوير البلاد على الرغم من أنّه ليس بالكثير، وهذا يظهر في فيلمي المُتاح اليوم للمُشاهدة تحت عنوان ” ضحايا جرائم (توني بلير)”. الأمير (بندر)، وهو أمير سعودي رفيع المُستوى يقول على التلفاز، وهذا موجودٌ في فيلمنا، ” إن كنتم تقولون أن من بين الـ 400 مليار دولار التي ننفقها في هذا البلد قد سرقنا جرّاء الفساد 50 ملياراً منها فإنني أتقبّل هذا في أيّ وقت”. بعبارة أخرى، كأنه يقول ” وإن يكن”! هؤلاء اللصوص قد سرقوا جبالاً لا يُمكن لأحد أن يحلم بها، من المال من شعبهم. وفي حال المملكة العربية السعودية جارتهم القريبة (اليمن) ، تصوّروا (اليمن) التي هي من أفقر البلدان في العالم كلّه، تعيش كجارة البلد الأكثر ثراءً في العالم كلّه في حين أنهم يُصلّون خمس مرات في اليوم ويدّعون بأنهم مسلمون. تصوّر أنّ جارك الذي يعيش في قربك تماماً يموت من الجوع وتعتقد أنّ الله سيتقبّل صلواتك في الوقت الذي أنت فيه فائق الثراء ولا تُساعد حتّى جيرانك الفقراء. الأمر أسوأ من ذلك في واقع الأمر، فالسعودية تقوم بمهاجمتهم وتقتل أطفالهم. حسناً، أعتقد أننا نبتعِد قليلاً عن المسار، لكن كلّ هذه القضايا متعلِّقة ببعضها الآخر، أنت مُحِّق. من الذي يحصل على الثروة، ومن يمتلِك الثروة؟ (ليبيا) كانت إحدى البلدان التي وزّعت الثروة بشكلٍ أكثر عدلاً بقليل من البُلدان الأُخرى، على الرغم من أنه توزّع، من وجهة نظري بطريقةٍ فوضوية تماماً وغير مُخطّط له، الأمر الذي ترك (ليبيا) في حالٍ أكثر ضعفاً كدولة عمّا احتاجت لأن تكون عليه. مُعظم البلدان العربية الأُخرى المُنتِجة للنفط تُحكَم من قِبَل لصوص لا يسرقون ثروات شعوبهم فحسب بل يتّفقون مع الغرب الذي يُبقي عليهم في السُلطة بحيث أنهم يودِعون ثروتهم المسروقة في الغرب وينفقونها على شراء الأسلِحة الغربية وعلى الأسهم والحصص الغربية وعلى المُلكيات الغربية، يُقامرون بها في الكازينوهات الغربية، ينفقونها في بيوت الدعارة الغربية على كلّ أنواع الآثام. إنه تأثيرٌ زائِف الذي يُحدثه هؤلاء اللصوص مع الدول الغربية التي تُحافظ على وجودهم في السُلطة. سنتابع مع المزيد بعد الفاصل
المحور الثالث:
جورج غالاواي: أنتم تُشاهدون “كلمة حرّة” معي (جورج غالاواي) من على قناة “الميادين” في حلقة تأتيكم من (لندن) نناقش فيها (ليبيا) مع جمهور من الخُبراء المُميّزين والهواة المُتحمّسين من أمثالي. جالت كاميرا “كلمة حرّة” في شوارِع (لندن) لاستطلاع رأي الشارِع حول (ليبيا) خلال الأعوام الخمسة المنصرِمة. لنُشاهِد معاً
المُحاوِرة: من الذي يدفع ثمن تدخّل (أوروبا) الغربية في (ليبيا)؟
رأي رجل 1: حسناً، بالتأكيد (ليبيا)، لكن هناك تأثيرات جانبية على (أوروبا) بسبب الهجرة الجماعية الهائِلة التي تحدُث، ومن المفهوم سبب رغبة هؤلاء الناس في ترك تلك البُلدان
رأي رجل 2: هذا أُسلوب مُثير للاهتمام لوصف الوضع. أعتقد أنّ بإمكانك القول عندئِذٍ اكتساب العائدات بشكلٍ جزئي. نعم، إنها بالفعل مُشكلة وربما بالإمكان مُعالجتها بشكلٍ أفضل، لكن ربما كان من المُمكن لها أن تكون أسوأ من دون التدخّل
رأي رجل 3: أعتقد أننا جميعنا ندفع الثمن، أعني أنّ الأمر لا يتعلّق فحسب بالناس الذين يُعانون من تلك المُشكلة في ذاك البلد بل أنها مُشكلة عالمية، أليس كذلك؟
رأي رجل 4: من يدفع الثمن؟ بالتأكيد الشعب الليبي وبالتأكيد سُمعة الإسلام، ومما لا شك فيه إدارة (أوباما) التي عانت الكثير بسبب سياساتها هناك
المُحاورة: كيف بالإمكان إعادة جرّ الإرهاب إلى قمقمه مجدداً؟
رأي شاب 1: إن أجبت على هذا السؤال فيجب أن أحظى على الأرجح بمنصب رئيس البرلمان، صحيح؟ بشكلٍ عام أنا لا أعلَم، ليس لديّ إجابة على هذا السؤال
رأي رجل 1: أعتقد أنه نفقٌ طويل وهو بحاجة إلى تغيير ثقافي، بحاجة إلى مُقاربة الناس بشكلٍ مُختلِف. إنها نوع المُشكلة نفسها التي نواجهها في (بريطانيا)، أُناسٌ من طرازي القديم قد فقدوا اهتمامهم بالسياسة ويجب إعادة الاهتمام بها، والناس مع هؤلاء المُسلمين الإخوة في العالم يشعرون أنّهم جزء مما يحدُث في العالم، جزء من تركيبة القوى الحالية
جورج غالاواي: أعتقد أنّ ذاك الرجل مع الشعر المُستعار السيئ لا بدّ وأنه خرج من مكتب وزارة الخارجية لأنه الشخص الوحيد في كلّ استطلاعات الرأي تلك الذي يتشبّث بسُرعة بالرواية السائدة في أن حال (ليبيا) كان ليكون أسوأ من دون تدخّلنا. هذا الذي لا يزال يقوله بعض الناس عن (العراق) ولكنهم ليسوا كثيرين، وهو أول شخص أسمعه يقول وجهة النظر هذه عن (ليبيا) لأنّ أيّ شيء آخر قد تسمعونه يُقال عن (القذّافي)، وكما قلت لم يسبق لي أبداً أن كنت داعماً له، فكرة كون (ليبيا) أفضل اليوم مما كانت عليه سابقاً لهو ببساطة أمر مثير للضحِك كما قلت سابقاً، وإن لم تضحك فعلى الأرجح ستبكي. بالتالي، لقد جرى تدمير البلد، القبلية والولاءات للمُدن، الميليشيات من كلّ الأنواع لديهم شيء مُشترك فحسب، سيجزّون عنقك إن لم تكن جزءاً من عصابتهم. النهاية بشكلٍ فعّال، على الرغم من أنّ أصدقائي الليبيين قد يُمانعون في تقبّلها، لأيّ شيء يُدعى الجنسية الليبية أو القومية الليبية، انهيار الدولة على الأرجح بشكلٍ دائِم إلى ميليشيات مُتحاربة، الشاب في الصفّ الأمامي سألني قبل الفاصل عن الحلّ المُمكن، ولا بدّ أنه لاحظ إن لم تُلاحظوا أنتم في أنني لم أُجبه عن سؤاله وهذا لأنني لا أمتلك أيّة إجابة. شيء ما أو قوّة ما أو قائِد ما سيكون من المُفتَرَض أن يظهر في (ليبيا) ليوحدّ الناس الذين يقومون حالياً بتمزيق بعضهم البعض. في رأيي مع كلّ الاحترام، من غير المُرجّح أن يكون هذا إحياء للنظام القديم تماماً كما أنّ في (العراق) لن يكون إعادة إحياء لحزب “البعث” الذي حكم قبل التدخّل الغربي بل يجب أن يكون شيئاً جديداً يوحِّد الناس، يتخطّى القبائِل، يتخطّى المُدن والاختلافات الضيّقة في العقيدة، بعض الإحساس بالقومية، إن لم تكن قومية عربية إذاً على الأقلّ قومية ليبية سيكون من الضروري أن تظهر. هذا ما يبدو لي في الأمر. السيّدة الشابة في الوسط
زهراء سبيتي – ناشطة سياسية: مرحباً، أردتُ أن أسأل ما هو في رأيك السبب الرئيس لتدخّل الغرب في (ليبيا)؟ أهو لأنهم يريدون إضعاف محور المُقاومة؟ (إيران) و(سوريا) مثلاً؟ هلّ من رابط مع هذا الأمر؟
جورج غالاواي: إنه سؤالٌ مثير جداً للاهتمام. مجدداً أنا أُجازِف في إغضاب البعض من الجمهور. أنا لا أعرِف فعلياً السبب وراء انقلاب الغرب على (القذّافي) لأنه كان يعطيهم كلّ شيء، لقد كان يرقُص مع (توني بلير)، كان يُعطي البنوك الغربية وأُناساً مثل (بلير) أيّ شيء يريدونه. قال لي أحد رجال (القذّافي) المُقرّبين مرّة في (الرباط) قال، “لطالما دعَمنا الولايات المتحدة الأميركية” فقلت له، “دعني أوقفك عن الكلام”. من المؤكّد أنّ غرفة الفُندق كانت مليئة بأجهزة التنصّت، فقلت، ” دعني أوقفك عن الكلام، أنتُم لم تدعمونني أبداً، وإن كنتم قد دعمتموني بالفِعل لكنتم قد أعطيتم (توني بلير) كلّ التفاصيل”، لأنّ هذا هو نوع المُستوى من التعاون الذي أقامه نظام (القذّافي) مع الغرب في تلك السنوات القليلة الأخيرة. لذا، لماذا انقلبوا عليه؟ لا أعرِف السبب فعلاً. (سيف الإسلام القذّافي) الابن، الذي كان مقرّه (لندن) في مُعظم الوقت كان الصديق المُقرّب لـ (توني بلير) و(بيتر مندلسون) وغيرهما من قادة حزب “الحرب” في (بريطانيا). بالتالي إنه درسٌ جيِّد في واقع الأمر للآخرين من الدكتاتوريين العرب. قد تعتقدون أنّ هؤلاء الناس أصدقاؤكم لكن حين يحين الوقت، عندما يُناسبهم التخلّي عنك يتركونك لقدرِك، الذي كان في حال (القذّافي) قدراً صادماً ومُخزياً، ويتخلّون عنك. لا تعتقد أنّ هؤلاء الناس أصدقاؤك، هم أصدقاؤك لأجل ما يمكنهم أخذه منك. تعرِفون القول القديم “الصديق المُحتاج لا حاجة لنا به”، الصديق المُحتاج هو الشخص الذي تُدير له ظهرك، هذه هي تحديداً عقليّة القادة الغربيين. لا أعلم لماذا انقلبوا على (القذّافي) لاسيّما أنه كان واضحاً للعيان أنّ الناس الذين كانوا يُحاولون الإطاحة به كانوا تماماً الناس الذين يُفتَرض أننا خائِفون منهم في أماكن أُخرى. كنت أُشاهِد “سكاي نيوز” في الليل خلال فترة ما كان يُسمّى بـ “الثورة الليبية” حيث كانت تلك الشاحنات تُملأ بالرجال المُلتحين الذين يحملون الأسلِحة الثقيلة، المتعصّبين المتعطّشين للدماء، المندفعين على الطُرق السريعة مع شاحنة لـ “سكاي نيوز” تسير إلى جانبهم والمذيع الصحافي يتحدّث عنهم من دون انقطاع على أنّهم مُقاتلون من أجل الحريّة. كنتُ أصرُخ أمام التلفاز، “أيّ جزء مما يقوله ويصرُخ به هؤلاء الناس هو ما لا تفهمونه؟”، لماذا لا تستطيعون أن تروا؟ هؤلاء هُم تحديداً الناس الذين منذ فترة ليست بعيدة اجتَحنا واحتلّينا (أفغانستان) لنُقاتلهم، هؤلاء هم تحديداً الناس الذين يقولون لنا بأنّهم يُشكّلون خطراً وجودياً علينا في كلّ مكان. إذاً، إن طلبتم منّي أن أختار ما بين (القذّافي) أو “القاعدة” فسأختار (القذّافي). المجنون وحده لا يختار (القذّافي) عندما ترون ماهيّة “القاعدة”، لكن الغرب اختار “القاعِدة” وهزأوا من (القذّافي) عندما قال، “إن أطاحوا بي فـ “القاعدة” ستستلِم السُلطة “. لقد هزأوا منه لكن ما قاله كان صحيحاً. من يرغب في المُشاركة؟ السيّد في الخلف؟
رجل من الحضور: مرحباً (جورج)، من وجهة نظر مدنية وحسب. نحن نقول ما نقوله عن (ليبيا) و(العراق) و(أفغانستان). ما الذي في إمكاننا فعله كأفراد لتسجيل موقف فعلي حيال كلّ هذا باستثناء الحديث عبر التواصل الاجتماعي؟ ما الذي في إمكاننا فعله؟
جورج غالاواي: أعتقد أنّ علينا عدم الاستخفاف بقوّة وسائِل التواصل الاجتماعي الجدية التي نمتلِكها لأنّ تلك القوة تُبيِّن لنا أنّ الجهل الآن أصبحَ خياراً. الجهل أصبح خياراً يتّخذه الناس، ما من حاجة أبداً في أن يكون الناس جاهلين حيال أيٍّ من هذا لأننا نمتلِك الأدوات الآن بفضل وسائِل التواصل الجديدة لنعثر على الحقيقة، في أن نُقارِن الحقائِق، في أن نزِن الجدالات ووجهات النظر، ولسنا في حاجة إلى إذن من (روبرت مردوخ) أو الـ “بي بي سي” أو غيرهما. يُمكنا أن نتفاداهم ونعرِف الحقيقة، وعندما نعثر على الحقيقة علينا أن نتشاركها مع الآخرين. ربما لا تعلمون أنّ لدي ما يزيد عن المليون مُتابِع في وسائِل التواصل الاجتماعي ولا يُمكنني أن أخوض كلّ معركة في كلّ حرب من كلّ يوم في الأُسبوع، عليّ أن أضع أولوياتي وخياراتي، لكن المليون إنسان الذين يُتابعونني لا يشكّون أبداً حول القصة الأساسية التي نناقشها الليلة وكلّ حلقة من هذا البرنامج. وكلّ شخص من هؤلاء المليون لديهم مُتابعيهم الآخرين وأصدقائِهم ويُمكنهم نشر تلك المعلومات واللحاق بها. ما عدا ذلك بالطبع يُمكننا أن نُحمِّل حكومتنا المسؤولية. لم يكُن لدينا نقاش برلماني، عداكم عن تصويت برلمان، لإرسال جنود بريطانيين إلى (ليبيا). أطلقت الحكومة أنباء من خلال إذاعتها الرسمية الحكومية المروّضة، الـ “بي بي سي”، أثناء ذروة موسم الصيف وفي غير وقت انعقاد البرلمان وفي وقت عدم وجود أعضاء مجلِس النواب ليطرحوا أسئِلة حول الأمر، حتّى إن كان أعضاء مجلِس النواب الذين قد يطرحون أسئِلة لديهم الوقت للقيام بذلك لأنّه كان قد زُجّ بِهم في معركة استهلاكية داخلية قديمة لـ “حزب العمال” حول من الذي يجب أن يكون قائِد “حزب العمّال”. بالتالي، حتّى إن كان البرلمان منعقداً فما كان لهذا أن يحدُث. الآن، ها هو البرلمان البريطاني يُظهِر الامتنان للشعب البريطاني علماً أنّ الملايين منّا قد يكونوا غاضبين جداً ليكتشفوا أنّ ضرائِبنا وقواتنا المُسلّحة وأسلِحتنا هي الآن على الأرض، أي التواجد البريطاني على الأرض في (ليبيا) و(سوريا)، حيثُ جرى نشر الفيديوهات بشكلٍ متوازن، ويجدر بهذا أن يجعلنا غاضبين من حكومتنا. لكن لأننا نعيش في ظلّ نوعٍ من الديمقراطية، لن أصفها بما هو أفضل من هذا، لدينا الحق في أن نُطالِب ممثلينا بأن يشرحوا لنا ما الذي يجري هنا، لماذا لا تطرحون الأسئِلة حول هذه المسألة؟ أيّ خير يُمكن له أن يتمخّض من كون جنود بريطانيين يُعيدون اجتياح (ليبيا)؟ لقد سمِعنا من الدكتور آنفاً أنّه في نهاية الحرب العالمية الثانية كان البريطانيون يُسيطرون على جزء من (ليبيا) والإيطاليون على جزء ثانٍ والفرنسيون على جزء ثالث. في واقع الأمر، هذه الأجزاء الثلاثة قد عادت الآن، كلّ البُلدان المُستعمرة الثلاثة قد عادت الآن إلى (ليبيا)، لذا جرى تبديد أعوام السبعينات بطريقة أو بأُخرى، وأصبحت (ليبيا) الآن في الوضع نفسه الذي كانت عليه حينئِذٍ، مُفلِسة، لا تُنتِج النفط، مُحتلّة من الأجانب، وذلك كلّه بعد إنجاز العمل القذِر بشكلٍ أوسع بواسطة الميليشيات الليبية المحلّية. علينا أن نفوز بالتزامنا في إنهاء دورِنا كمُستعمرين، كقوّة استعمارية إمبريالية. عندما كان يسألكم الناس ما الذي كان علينا أن نفعله بـ (القذّافي) كان عليكم أن تُجيبوا أنّ هذا ليس من شأننا. (القذّافي) من شأن الليبيين وليس من شأنكم أنتم، لم يمنحكم أحد ولم يمنحكم الله أبداً واجب أو مسؤولية اجتياح (ليبيا) لتغيير حكومتها. علينا أن نفوز بهذا الجدال إيديولوجياً لأنني أشُكّ في أننا لم نفز به بعد. من التالي؟ نعم، الشابة في الأمام من فضلِك
ألاء مهدي – طالبة: مرحباً (جورج)، في ظلّ هذا الوضع كيف يُمكن لهذا أن يؤثِّر على الشباب في (ليبيا) وحتّى الشباب في هذا البلد والبلدان الأوروبية بسبب ردّ الفِعل العنيف لما قد يحدُث؟
جورج غالاواي: سؤالٌ جيِّد لكن ليست لديّ معلومات مُفصّلة حول هذا الأمر، لا بدّ أن الحياة كارثية على الجميع في (ليبيا) ولا بدّ أنّ الشباب في (ليبيا) ينظرون إلى مستقبل بلا أمل. في الماضي، وقد ألمحت إلى هذا الأمر آنفاً وقد يُخالفني البعض الرأي، أعتقد أنّ (ليبيا) قد أخفقت تماماً في بناء دولة. عوضاً عن استخدام كلّ تلك الثروة النفطية لبناء مجال عام في (ليبيا) مع جامعات ومُستشفيات ومُنشآت متطوِّرة جداً لأنّ النظام الليبي منح الناس المال بسخاء كبير. إن كنتُ شاباً في الأيام الخوالي وعلى وشك الزواج تذهب إلى المكتب المحلّي وتقول بأنّك ستتزوّج وأحدهم سيفتحُ درجاً ويُعطيك مبلغاً كبيراً من المال، وهذا شيء مُميّز، بالتأكيد أكثر مما يحصلون عليه الآن، لكنه كان ليكون أفضل بكثير في حال أنّهم استخدموا ذاك المال لبناء الدولة الليبية والمؤسسات الليبية، لكن الشباب الليبي الآن لا يمتلِك أي من هذين الشيئين، لس لديهم المؤسسات ولا يمتلكون مُستقبلاً يتطلّعون إليه ولا أحد من دون شكّ سيفتح أيّ درج ليُعطيهم المال. لهذا السبب كان الطلاب الليبيون في كلّ مكانٍ في العالم، كانوا مدعومين بسخاء كبير جداً من قِبَل الحكومة الليبية. لقد أُرسِلوا للدراسة في كلّ مكان. التقيت بنفسي المئات منهم عبر العقود. كان يجدر بهم أن يكونوا في الجامعات في (ليبيا) لكنّهم على الأقلّ كانوا يذهبون للدراسة في جامعات الخارِج، والآن لا أحد يُرسلهم إلى الجامعات في أيّ مكان. لذا، الوضع بالنسبة للشباب الليبي لهو كئيب وربّما، بإذن الله، هذا سيُنتِج قيادة سياسية جديدة في (ليبيا) قد تقول “كفى، كفانا من كلّ هذا”. سأدعك تجيب بما أنّني أعلم أنّك ترغب في ذلك لكن بعد الفاصل
المحور الرابع:
جورج غالاواي: أنتم تُشاهدون “كلمة حرّة” معي (جورج غالاواي” من على قناة “الميادين” في حلقة تأتيكم من (لندن) نناقش فيها (ليبيا). قبل خمس سنوات، هؤلاء العباقرة من الـ (جيمس بوند) الذين يُديرون البلدان الغربية اعتقدوا أنّها فكرة جيّدة في أن نُصبح القوات المُسلّحة الخاصّة بـ ” القاعدة” وأن نُدمّر (ليبيا) ونضع السلطة في أيدي، من يدري؟ بالتأكيد ليس في يدي شخصٌ واحد ولا في أيدي حكومة واحدة، بل أصبح لدينا بالتأكيد الآن أكثر من (ليبيا) واحدة. جرى دفع المخبول Dumpty Humpty من على الجدار وكلّ خيول الملِك وكلّ رجال الملك سيكونون محظوظين جداً إن تمكّنوا من جمع المخبول مُجدداً، على الأقل هذه هي وجهة نظري، لكنني أرغب في سماع آرائكم، تفضّل دكتور
عبد العزيز غنيّة – محلّل سياسي ومُختصّ في الشأن الليبي: المُعلِّم الأفضل في واقع الأمر هو التاريخ، فلنعُد بالجمهور إلى تاريخ (ليبيا). عندما اجتاحنا الإيطاليون في عام 1911، أجدادنا وأسلافنا شكّلوا مُقاومتهم ولم يكن حينها يوجد نفط ولم يكن يوجد شيء، وكانت الدبّابات الإيطالية والترسانة العسكرية متطوِّرة جداً في ذاك الوقت بينما كان أجدادنا وأسلافنا لا يمتلكون سوى الجِمال والخيول، وتمكّنا من إلحاق الهزيمة بهم بعد أن خُضنا الكثير من المعارِك الشرِسة في جميع أنحاء (ليبيا) وأسماء أحفادنا نفتخر بها وهي موجودة في كُتُب تاريخنا المجيد. في ذلك الوقت، لم يعرِف أسلافنا أننا سنطرِد الإيطاليين من بلادنا في عام 1970، أي بعد قرابة ستّين عاماً، لم يعلموا أنّنا في عام 2006 سنُجبِر رئيس وزراء (إيطاليا) ليعتذِر عن كلّ تلك الجرائِم التي ارتكبها الإيطاليون في الماضي. بالتالي، من تلك الدروس نعلم أنهم عادوا مُجدّداً في عام 2011، لكننا نمتلِك الثقة والإيمان بأنفسنا وبأطفالنا لاستعادة بلدنا وإعادة بناء بلدنا وفي تخطّي خلافاتنا، وسنتمكّن من الخروج من هذه المصيدة
جورج غالاواي: أحسنت، هذا خطابٌ جميل جداً وأوافقك على كلّ كلمةٍ فيه. دعني فقط أطرح عليك بعض الأسئلة المتعلِّقة به. هلّ هناك من إشارات تدلّ على بداية مُقاومة ليبية جديدة واسعة النطاق تُناهض تفتيت البلاد وإعادة الاستعمار الأجنبي إليها مُجدداً؟ وكيف يبدو هذا؟ ومتى يبدأ الجمهور الدولي في ملاحظة هذه المقاومة؟
عبد العزيز غنيّة: نحن في الواقع نشعر بها، حالياً نشعر بها، بدايةً بالمعرِفة ومن خلال معرِفة حقيقة ما يجري. الآن، وفي جميع أنحاء (ليبيا)، على الرغم من اختلافاتهم السياسية أو غيرها وسواء أكانوا على هذا الجانب أو ذاك أو كانوا مع القبائِل أو غيرها من التيّارات السياسية، يعلمون أنّ كلّ ما يجري استعراضه في (ليبيا) لا يصبّ في صالِح الليبيين أو غيرهم من المحلّيين سواء من البلدان المُجاورة أو البعيدة مثل (قطر) أو (الإمارات العربية المتحدة) أو (تركيا) أو غيرها أو حتّى أبعد، في ما يتعلّق بالحكومات الغربية. من خلال هذه المعرِفة، أسّسنا نوعاً من المقاومة بين القبائِل التي اجتمعت. هناك حوار داخلي محلّي لا يُعرَّف عنه كثيراً عبر وسائِل الإعلام الغربية لأنهم محظورون هنا. إنهم يتحدثون في ما بينهم ويحلّون مشكلاتهم في ما بينهم حتّى في ما بين ميليشياتهم المُسلّحة. بعضٌ من قادة الميليشيات المُسلّحة يعلمون بمجريات الأمور لأنهم يعلمون الآن أنّه بعد خمس سنوات لم يحدث أيّ شيء. الأمور الأُخرى مقارنةً، ودعني أُعلِّق على تعليقك حول الموضوع السابق، النظام القديم قد بنى نهراً مُصطنعاً، أعظم نهر بُنِيَ على يد إنسان ويُمكنك البحث عنه في “غوغل”
جورج غالاواي: أعرِف عنه لكنه لم يعمل في الواقع أليس كذلك؟
عبد العزيز غنيّة: لا، إنه يعمل. الناس يشربون منه حالياً في (طرابلس) و(بنغازي) وفي كلّ مدينة. نعم، لقد كان هناك نوعٌ من الدكتاتورية، هناك بالفِعل مُشكلة في كيفيّة التعامل مع ديمقراطيّة لتغيير السُلطة. لكن من ناحية أُخرى، هناك الكثير من الأمور الجيّدة لليبيين يدركها في الواقع الليبيون الآن لأنّ الآن ما من نفط، حتّى أنّ النفط يجري بيعه بشكلٍ غير قانوني لـ (مالطا) ومافيا النفط التي تُبحِر في أنحاء البحر المتوسّط. المحلّيون الليبيون إبّان بحثهم يعثرون على مراسي قوارب من يبيعون النفط وينقلون كذلك المُهاجرين غير الشرعيين على متن قواربهم. الشخص نفسه الذي يقوم بكل الأمرين هو شخصٌ يُسمّى (العمّو) في مدينة (صبراتة) وهو رجل ميليشيا ذو نفوذ كبير. الشخص نفسه المسؤول عن الهِجرة غير الشرعية من (ليبيا) إلى (إيطاليا) قد وقّع فعلياً على عقد مع شرِكة (إيني) النفطية لحماية مُجمّعهِم على الساحل، الشخص نفسه. بالتالي، أترى كيف هو المقياس؟ هذا النوع من الأمور، هذا النوع من المعرِفة يعرفها المحلّيون، لهذا السبب يتّحد الناس ليهزموا الميليشيات المُسلّحة ويهزموا التدخّل الغربي، وعندما تقرأ تصريحات السفراء الغربيين الذين يلتقون مع مُدراء البنك المركزي الليبي وتقرأ النُكات والتعليقات في وسائِل التواصل الاجتماعي من الليبيين الآخرين تُدرِك مدى قوّة مقاومتنا، لم نقطع شوطاً كبيراً بعد لكننا في بداية طريق الألف ميل
جورج غالاواي: طبعاً الفرحة تملأني لمجرّد الفكرة بحدّ ذاتها. في حال خسرت (ليبيا) 200 مليار دولار خلال خمس سنوات، من خلال حسابات بسيطة وأسعار نفط مُنخفِضة جداً الآن بعد أن كانت هناك أزمنة كان فيها سعر النفط مرتفعاً جداً، هذا يعني أنه خلال 40 عاماً بلغت عائِدات (ليبيا) من النفط 2 تريليون دولار من خلال حساباتي البدائية البسيطة، وقد قلت لنا أنّ عدد سكان (ليبيا) ستّة ملايين نسمة. إنّ قسّمنا 2 تريليون دولار على ستة ملايين إنسان، هذا يعني الكثير على مدى زمنٍ طويل. كان يجدُر أن يكون كلّ ليبي فاحش الثراء، وكلّ بلدة ومدينة في ((ليبيا) كان يجدر أن تبدو مثل (دُبي)، لكن أياً من هذين الأمرين صحيحاً. بالتالي، ومع كلّ احترامي لحضرتك وبقلبٍ استرضائي كما آمل، أحد أسباب وجودنا في خِضمّ هذه الفوضى يكمن في أنّ (ليبيا) لم تبنِ دولة ومؤسسات وولاءات وطنية. الآن، حتّى وإن كنتم قد فعلتم ذلك، كان من الممكن أن تُدمر هذه الإنجازات، أتقبّل هذا. لقد امتلَك (العراق) كلّ ذلك ورغم ذلك جرى تدميره، لكنكم لكنتم ستكونون في موقعٍ أكثر قوّة بكثير في حال جرى تقاسم وإنفاق 2 تريليون دولار بين الـ ستة ملايين إنسان. كانت بلادِكم تُطلِق على نفسها صفة “الاشتراكية”، لو انها أُنفِقت بطريقة اشتراكية لتبني مؤسسات تمتلكها الدولة ويشعُر الجميع بأنّهم جزء منها. إنني أقلّ اهتماماً بالديمقراطية، نحن عندنا ديمقراطية لكننا لا نمتلِك أيّة حصّة في أي شيء، ما هو أكثر أهمية حتّى من الديمقراطية بحدّ ذاتها هو أن يشعُر الناس أنّ لديهم حُصّة في شيء حقيقي وملموس ويُمكنك أن تدرس فيه وأن تتلقّى العلاج وأن تتمتّع وتنمو وتتطوّر به. بالتالي، علينا أن نكون قادرين على مُمارسة النقد الذاتي في اعتقادي، عدا ذلك أحد لن ينصُت إلينا عندما نقول ما هي الطريق للتقدّم إلى الأمام، وقد أشرت للتو على نحوٍ لامع إلى الطريق للتقدّم نحو الأمام. هذا هو المسار الذي آمل أن يتمكّن الشعب الليبي من العثور عليه. من يرغب في التحدّث؟ يكاد الوقت يُداهمنا، نعم تفضّل أيها السيّد
مايك روبرت – طالِب: بشكلٍ أساسي، آمل في أن يُصحّح لي أحد من الجمهور، لدي التالي، ومصادري هي ما يُصرِّح به أصحاب المصارِف وقد أخبروني
جورج غالاواي: هذا مصدر مشكوكٌ به دوماً
مايك روبرت: نعم. بشكلٍ أساسي قالت لي أنّه في الوقت الذي كان فيه (القذّافي) في السُلطة كان يخوض عملية إصدار عملة جديدة، الأمر الذي لم يكن في صالِح الغرب، وكان ذلك من بين أحد الأسباب التي جعلت الغرب يكره (القذّافي) بشكلٍ أساسي. كنت آمل في سماع تأكيدات مُعيّنة
جورج غالاواي: كنت آمل لو كان هذا صحيحاً. لقد سمعت عن هذا الأمر، طبعاً الناس الذين يدعمون (القذافي) غالباً ما يُكرّرون هذه المسألة غير أنني لا أعتبرها مسألة مُميّزة. السيّد في الخلف
رجل من الحضور: في ما يتعلّق بالـ 2 تريليون دولار
جورج غالاواي: لقد قمت بحساب بسيط فحسب، 200 مليار على مدى خمس سنوات
رجل من الحضور: أين تعتقد أنّ الثروة الليبية موجودة الآن؟
جورج غالاواي: كان لدى (ليبيا) صندوق ثروة سيادي يُقارب الـ 100 مليار عندما أُطيح بـ (القذافي)، نصف مليارٍ منها كانت في مصرف (جي بي مورغان) ومليارات عديدة أُخرى في مصارِف غربية أُخرى. أين هو الباقي؟ لا أعلم، والأهمّ من ذلك أنّ الليبيين لا يعلمون. أشارت (فرنسا)، ونعلم هذا من خلال تسريبات الـ (ويكي ليكس)، أشارت (فرنسا) عبر كابلات إلى الولايات المتحدة الأميركية أنّها أرادت أن تكون مسؤولة عن سبائِك الذهب والفضّة الليبية، لا عجب، من لا يريد ذلك؟ ما الذي حدث لها؟ كيف تمكّن (ساركوزي) من إنفاق هذا القدر من المال على حملته الرئاسية؟ (ليبيا) طوال وقتٍ طويل من الزمن دعمت العديد من الثورات، دعمت بُلداناً أفريقية فقيرة إلى حدٍّ مُميّز جداً، سواء جرى توظيف هذا القدر من المال لهذا الغرض أم لا، إلاّ أن هذه القضية بالطبع تبقى مطروحة للنقاش. لكنني كنت في (ليبيا) أكثر من مرّة وأعلم أنّها لا تبدو مثل (دُبي)، ليس حتّى العاصمة، عداكم عن المُدن والبلدات الأُخرى. كلّ ليبيّ كان ثرياً تماماً. بالمقارنة مع (أفريقيا) كان ثرياً من دون شكّ، بالمقارنة مع العديد من الدول العربية ثري جداً بالتأكيد، لكن بالمال النقدي. والمال النقدي موجود هنا اليوم وقد يختفي في الغدّ، والآن لا وجود لشيء يُتباهى به. إن كنتُ مُحقاً في ما يخصّ الـ 2 تريليون، بالمناسبة أنا واثق جداً من أنني قد قلّلت من قَدر الرقم على نحوٍ كبير لأنّ هذه الأرقام كانت خلال الأعوام الخمسة المُنصرمة، عندما كان سعر النفط منخفضاً. في أزمانٍ مُنصرِمة كان سعر النفط فيها أكثر من ضعف سعره اليوم، إنه يبلغ 46 دولاراً اليوم لبرميل النفط الخام بينما كان 117 دولاراً بل وربّما أكثر من ذلك حتّى. إذاً، الكثير من المال ذهب هباءً، لا أعتقد شخصياً أنّ (القذّافي) كان فاسداً، لم يذهب إلى أيّ مكان ولم يحتاج إلى المال. لقد عاش في الواقع حياةً تقليدية جداً وهذا أمرٌ معروف، فقد عاش في خيمة وما إلى هنالِك. أعتقد على الأقلّ أنّ (سيف الإسلام القذّافي) كان فاسداً جداً وأعتقد أنّه أفسَدَ أُناساً لا أستطيع ذكر أسمائهم عبر التلفاز، ولم يتمخّض عن ذلك أيّ خير ولم تستفِد (ليبيا) من هذا كلّه، والآن (سيف) في الزنزانة بعد أن فقد إصبعين من يده وبعضاً من أسنانه، وكلّ الناس الذين أفسدهم قد أداروا له ظهورهم ويرفضون التعرّف عليه. لذا، تلك حال من الوضع المؤسِف، لكنني أُكرّر تعليقاتي التي افتتحت بها الحلقة. أنا أُفضِّل (القذافي) مئة مرّة عمّا هو لدينا الآن، أُفضِّل (صدّام حسين) مئة مرّة عمّا هو لدينا الآن، أُفضّل (الأسد) مئة مرّة مُقابل “داعش” و”القاعدة”، لكن هذا لا يعني أنني مُعجبٌ بأيٍّ منهم، لا يعني أنني كنت لأُصوّت لأيٍّ منهم، هذا يعني فحسب أنهم كانوا أفضل مما جاؤوا مكانهم. في الحال الليبية لدرجةٍ هائِلة جداً، لأنه طوال 40 عاماً كان هناك شيء يُسمّى (ليبيا)، كان هناك بلدٌ يُسمّى (ليبيا)، دولة تُسمّى (ليبيا)، فكرة تُسمّى (ليبيا) والآن لا وجود لشيء أبداً. من الأسباب التي أدّت إلى نقصٍ في الناس الذين يطلبون التحدّث عبر الميكروفون اليوم هو بسبب مقياس مساحة هذه الكارِثة والافتقار لأيّة فكرة حول كيفية تمكّننا من الخروج من كلّ هذا. ليست لديّ إجابة وليس من شأني الإجابة على أيّة حال، بالتالي أريد أن أتّبِع خطّ ضيوفنا الليبيين في أنه على الشباب في (ليبيا) أن يدرسوا تاريخهم، أن يدرسوا تاريخ (عمر المُختار) والثورة العظيمة ضدّ الاستعمار الإيطالي ، أن يدرسوا الأجزاء الصغيرة الأفضل التي كانت الأجزاء الأُولى لحقبة (القذافي) وأن يضعوا جانباً القبائِلية والمناطقية والانتماءات الصغيرة. هذه مسائِل طفولية وهُراء في العام 2016 وليطوِّروا وعياً قومياً، ليطوّروا قومية ليبية جديدة. فكّروا في (عُمر المُختار) وتصرّفوا مثل (عُمر المُختار) واطردوا كلّ هؤلاء المُستعمرين مُجدّداً. لقد كنت معكم أنا (جورج غالاواي)، وهذه كانت “كلمة حرّة” من على قناة “الميادين”. أشكر لكم مُشاهدتكم